أحسن تحليل لنص ميلاني كلاين ص 30 علاقة الرغبة بالحاجة

أحسن تحليل لنص ميلاني كلاين ص 30 علاقة الرغبة بالحاجة

أحسن تحليل لنص ميلاني ص 30 علاقة الرغبة بالحاجة

علاقة الرغبة بالحاجة نص ميلاني كلاين للسنة الأولى بكالوريا
محور الرغبة والحاجة


إن النص الذي سنحاول الاشتغال عليه في المقال، يعود إلى المحللة النفسانية النمساوية ميلاني كلاين، وهو نص بعنوان من الحاجة إلى الرغبة (اقرأ النص)، وكما هو معلوم أن محور الرغبة والحاجة هو المحور الثاني من مفهوم الرغبة الذي يمثل بدوره المفهوم الثاني في مجزوءة ما الإنسان؟، ضمن البرنامج الدراسي لمادة الفلسفة للسنة الأولى بكالوريا، وهو نص يوجد ضمن الكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة، ويحيل مضمون هذا النص المأخوذ من كتاب للمحللة النفسانية ميلاني كلاين بعنوان "علم نفس الطفل"، على موضوع الرغبة، وبالأخص على علاقة الرغبة بالحاجة، وما سنقدمه هنا من تحليل لا يغني على ما يقدمه الاستاذ من شرح في حجرة الدرس، بل هذا فقط من أجل الاستئناس، لكن حاولنا هنا أن نعتمد طريقة مخالفة وليست كالمعتاد في تحليلنا لهذا النص.

محتويات الموضوع

  1.  تحليل نص ميلاني ص 30 علاقة الرغبة بالحاجة.
  2. نص ميلاني كلاين من الرغبة إلى الحاجة.
  3. من الفرق بين الحاجة والرغبة إلى الإشكالات.
  4. تحليل نص ميلاني كلاين ص 30.
  5. الاتفاق بين سيغموند فرويد وميلاني كلاين.
  6. أطروحة رالف لينتون حول العلاقة بين الرغبة والحاجة.
  7. تصور أفلاطون حول الرغبة.
  8. الرغبة امتداد لكل الحاجات.

من الفرق بين الحاجة والرغبة إلى الإشكالات

تشير الرغبة Le Désir إلى ذلك الميول أو النزوع نحو موضوع ما، من الممكن أن يكون هذا الموضوع واقعيا، كما يمكن أن يكون متخيلا، والذي يترتب على امتلاكه من طرف الفرد نوعا من الارتياح والمتعة، أما الحاجة Le Besoin فهي عبارة عن حالة من النقص والافتقار إلى كل ما يحتاجه الكائن الحي من شروط ضرورية للإستمرار في البقاء، بما في ذلك الإنسان، يترتب عنه اختلال التوازن على مستوى الذات، ودائما ما يرافق هذا الاختلال نوع من التوتر والضيق والقلق، ولا يزول ذلك، ولايحقق الكائن الحي توازنه إلا بعد إشباع حاجاته، وتنقسم الحاجات إلى نوعين، الحاجات البيولوجية وتتجلى في الحاجة إلى الطعام والأكسجين والماء وغيرها...، ثم الحاجات النفسية والتي تتمثل في الحاجة إلى الأمن والإطمئنان واحترام الذات والتقدير الاجتماعي وغيرها...، وانطلاقا من ذلك فما طبيعة العلاقة التي تربط بين الرغبة بالحاجة؟ هل هي علاقة امتداد واستمرارية أم علاقة قطيعة؟ وبتعبير آخر، هل الرغبة نقص ونزوع نحو إشباع حاجة ما أم أنها عبارة عن لحظة للعطاء والابداع الإنساني؟.

شاهد أيضا


تحليل نص ميلاني كلاين ص 30

إن العلاقة بين الرغبة والحاجة من وجهة نظر ميلاني كلاين (1960-1882) هي علاقة امتداد نفسي لاشعوري، لها دخل كبير في تحديد شخصية الفرد في المستقبل، وذلك ما يتضح من خلال قولها: "إن الصراع بين الرغبة وإشباعها عند الطفل، يتضمن بالضرورة تصور حل لهذا الصراع، الذي يشكل أساس العملية الابداعية"، وقد لجأت ميلاني كلاين إلى مجموعة من الأفكار من أجل إقناعنا بتصورها، تلك الأفكار هي ما يشكل الهيكل الاستدلالي لأطروحتها، استهلتها بحديثها عن علاقة الطفل الرضيع بثدي أمه، ووضحت أن هذه العلاقة لا تقف عند حاجة الطفل إلى الطعام كحاجة بيولوجية، بل تتعداها إلى الرغبة في التخلص من كل ما يمكن أن يهدد كيان الطفل ووجوده، سواء كرضيع أو كراشد، نظرا للصراع الذي يحدث داخل ذاته بين طلب اللذة والإطمئنان، وهكذا، لم تعد الأم مجرد ثدي لإشباع حاجة الطفل الرضيع، وإنما حتى وهو في مرحلة الرشد، يعتقد في أن أمه موضوعا لرغبته في التخلص من المعاناة والقلق الذي يشعر به وهو في لحظة الضعف، فالشخص الراشد يجد الدفء والحماية والخلاص لمعاناته وتوتره النفسي والمادي في أمه.

من خلال هذا النص، تدعونا ميلاني كلاين إلى ملاحظة الطرق الحديثة في الإرضاع، فهي طرق تتأرجح بين الأقل صرامة وضبطا لزمن الإرضاع، وبين التي تلتزم التزاما صارما بأوقات محددة لعملية الإرضاع، ففي الحالة الأولى يجد الطفل صعوبة في تحقيق كل مطالبه ورغباته ويتخلص من دوافعه التدميرية (كل الميولات الغريزية التي لا تعرف سوى الإشباغ بغرض تحقيق اللذة)، لأن الأم عاجزة عن الاستجابة الفورية لتلك المطالب.أما في الحالة الثانية نجد الأم تسعى باستمرار لإشباع طلبات طفلها كلما دعاها إلى ذلك عبر البكاء، وفي نفس السياق  تؤكد ميلاني كلاين على أن الرضيع يدرك لاشعوريا قلق الأم وخوفها عليه انطلاقا من استجابتها الفورية لطلبه، وشعوره بهذا القلق الذي لا يعرف طريقة التعامل معه، سواء كان طفلا أو راشدا، ذلك ما يجعل شخصيته في حالة اضطراب مستمر، بحيث لا تتمكن من وضع حلول ملائمة للمشاكل التي تعرض حياته،وبالتالي قدرتها على الخلق والإبداع.

وللتأكيد على ما سبق، لجأت ميلاني كلاين إلى الاستماع لشكاوي بعض الراشدين من علاقتهم بثدي الأم، بحيث أنهم يعترفون بغياب مساحة فاصلة بين لحظة البكاء ولحظة استجابة الأم، وبالتالي حرموا من التفكير في إيجاد مخرج لقلقهم الاضطهادي (قلق ناتج عن التوتر بين طلب اللذة وتجنب الألم) ودوافعهم التدميرية، وهكذا، فميلاني كلاين تستنتج أن عملية الإحباط الغير مبالغ فيها لرغبة الطفل، يمكن أن تمثل حافزا على التكيف بشكل سليم مع العالم الخارجي، والمساهمة في تفجير الأنشطة الإبداعية لديه، وبالتالي، فكل أزمة أو صراع يعيشه الفرد، يستدعي منه تجنيد كل موهبته قدراته من أجل وضع حلول مناسبة لذلك، ويعتبر هذا أساسا للعملية الإبداعية.

بشكل مختصر، إن العلاقة بين الرغبة والحاجة هي علاقة امتداد نفسي لاشعوري، له تأثير على حياة الإنسان في المستقبل، لأن الصراع بين الرغبة وإشباعها يمثل اساسا لإنضاج شخصية الفرد، بل هو أساس لتفجير ما ينطوي عليه من طاقات ابداعية، لكن هل يمكن اعتبار هذا التصور حلا نهائيا لإشكالية العلاقة بين الحاجة والرغبة؟ وهل يمكن اغ=عتبارها فعلا علاقة امتداد نفسي لاشعوري؟ ألا يمكن لثقافة المجتمع أن تعطي لهذه العلاقة بعدا آخر؟.

الاتفاق بين سيغموند فرويد وميلاني كلاين

إن ما قدمته ميلاني كلاين حول علاقة الحاجة بالرغبة له أهميته وقيمته الفكرية، وبذلك فهو يبدوا تصورا إيجابيا، خاصة عندما تجعل من الحاجة البيولوجية (الطعام) أساسا لتشكل الرغبات، كما أنها أقرت بعدمت إمكانية تحقق النشاط الإبداعي إلا إذا عاش الفرد في طفولته نوعا من الإحباط المعقول لرغباته، وهو ما يؤكد أكثر من مفكر، أبرزهم الطبيب النفسي النمساوي سيغموند فرويد (1936-1856)، الذي يؤكد على أن فهم الأثر الفني رهين بالعودة إلى الخبرة الشخصية للفنان، لأن إنتاجات الفنان ما هي في نظره سوى وسيلة للتنفيس عن رغباتهم المكبوتة في اللاشعور، وقد درس فرويد لوحات الفنان الايطالي ليونارد دافينتشي (1452-1519)، واستنتج أن طفولته هي التي دفعته إلى هذا الإبداع، بل طفولته هي التي دفعته إلى إنتاج لوحته LA JOCONDE، لكن هذا البعد النفسي اللاشعوري الحاجة البيولوجية بالرغبة، يظل قاصرا في فهم حقيقة تشكل الرغبة، وبالتالي ينبغي اتخاذ ابعاد أخرى بعين الاعتبار لفهم ذلك.

أطروحة رالف لينتون حول العلاقة بين الرغبة والحاجة

إن فهم حقيقة تشكل الرغبة وبنائها، يقتضي الانفتاح على أبعاد أخرى غير البعد النفسي، ومنها البعد الاجتماعي الثقافي (العادات، التقاليد، القيم الدينية والأخلاقية...)، فلهذا البعد أهمية بالغة في تشكل الرغبات، وهو ما حاول أغلب الأنتروبولوجيين التأكيد عليه، من بينهم العالم الأنتروبولوجي الأمريكي رالف لينتون (1893-1953)، فقد عمل في كتابه "دراسة الإنسان" على التمييز بين الحاجات البيولوجية والنفسية والإجتماعية، مع التأكيد على أن لثقافة المجتمع الذي يمثل الفرد عضوا فيه دور هام في تحويل الحاجة البيولوجية إلى رغبة اجتماعية، مستعينا في ذلك بمثال الملابس، فكما هو معلوم أن استعمال الملابس من طرف الانسان إنما هو بهدف حماية الجسم من درجات الحرارة المنخفظة، بمعنى أن الملابس هي استجابة طبيعية لإحدى حاجات الفرد البيولوجية، هذه الحاجة تقل في المناطق شبه الاستوائية، ذلك راجع إلى الارتفاع الذي تعرفه درجات الحرارة، بحيث لا يقبل الفرد أن يضيف شيئا إلى جسمه، بمعنى أن الملابس تصبح مزعجة حينه.

لكن بالرغم من ذلك، فالانسان يستمر في ارتداء الملابس طوال السنة، وهنا يثار التساؤل حول السبب وراء ذلك، فالسبب الرئيسي في ذلك هو الرغبة الاجتماعية، بحيث ترتبط الملابس بما يسمى "نشاط الجنس"، فاعتماد الملابس في علاقة بهذا النشاط يكون الهدف منه هو تقنين ذلك النشاط وتوجهه نحو ما يخدم المجتمع، وعلى هذا الأساس يبني كل مجتمع معتقداته عن الوقار والحشمة، كما يمكن لهذه الملابس أن تقوم بوظيفة معاكسة لما سبق، فقد تستعمل من أجل إثارة اهتمام الجنس الآخر وتحريك رغباته الجنسية، كما أن استعمال الملابس يرتبط بإشباع الرغبة في التعريف بالمكانة لأو المنزلة الإجتماعية، بل من أجل الحصول على إعجاب الزملاء، وكل ذلك يتعلق بالرغبة وليس بالحاجة.

تصور أفلاطون حول الرغبة

وفي مقابل ذلك يمكن أن نستحضر الموقف الأفلاطوني الذي يمثل المنظور الفلسفي لمشكل الرغبة، والذي يرى أن الرغبة هي عبارة عن شهوة لا عاقلة، وبالتالي ينبغي إخضاعها وتوجيهها من طرف العقل، من أجل تحقيق نوع من التوازن بين قوى النفس الثلاث (الغضبية، الشهوانية، العاقلة) لدى الإنسان، فالعقل هو الذي يفرض على الرغبة، التي تتولد عن الشهوة، توجيهات معينة من أجل عدم وقوفها موقفا معارضا لقيم العقل.

الرغبة امتداد لكل الحاجات

يتبين مما سبق أن تشكل الرغبة لا يتم إلا بحضور الحاجة بكل أنواعها (البيولوجية، النفسية، الاجتماعية)، وهو ما تؤكده الأبحات العلمية، خاصة الأبحاث الأنتروبولوجية، فالإنسان ليس فقط مجرد كائن بيولوجي يخضع لنفس القوانين البيولوجية التي تحرك باقي الكائنات الأخرى، ولا عبارة عن مركب نفسي لاشعوري أو شعوري، بل هو كذلك عضو داخل المجتمع، يستبطن بوعي أو بغير وعي ثقافة مجتمعه، يؤثر فيها ويتأثر بها، لذلك لا يمكن للرغبة أن تخلو من مسحة ثقافية تمنحها طابعها الخاص، وهكذا، تصبح الرغبة امتداد لكل الحاجات المرتبط بالانسان ككائن بيوثقافي كما جاء على لسان المفكر الفرنسي إدغار موران، بمعنى كجزء من الطبيعة وكمفكر فيها، بالاضافة إلى ما تمنحه من قوة للأنشطة الابداعية، ويمكن القول باختصار أن النظر إلى علاقة الرغبة بالحاجة يختلف من منظور إلى آخر، لكن البارز في كل ذلك هو أن الحاجات محدودة وثابتة، في مقابل الرغبات المتعددة والمتغيرة باستمرار.

اقرأ المزيد

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-